الشيخ علي ابو الطيب الالوسي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الى من يجادل

اذهب الى الأسفل

الى من يجادل Empty الى من يجادل

مُساهمة  علي الالوسي الأربعاء سبتمبر 15, 2010 4:27 am

الى من يجادل



الى من يجادل ...لِـيُعلم أن أمثال أولئك الناعقين بما يسمونها ( الحضارة ) وأمثالهم هم الصرعى ، وأن بهم الصرع الأعظم كما قال ابن القيم ~ : ( ولو كُشِفَ الغطاءُ لرأيتَ أكثرَ النفوسِ البشرية صرعى مع هذه الأرواح الخبيثة ، وهي في أسْرها وقبضتها تسوقها حيث شاءت ، ولا يمكنها الامتناع عنها ولا مخالفتها ، وبها الصَّرْع الأعظم الذي لا يفيق صاحبه إلاَّ عند المفارقة والمعاينة ، فهناك يتحقق أنه كان هو المصروع حقيقة - وبالله المستعان - ) .

ثم ذكَرَ عِلاجَ هذا الصَّرْع سواء من مرض روحاني أو سحر أو مس شيطاني ، وسوف أنقله - إن شاء الله تعالى- لأنه عظيم الفائدة ، ولعلنا نتنبَّه ولا نظن أنَّ الصرعَ فقط لِمَن نسميهم مصروعين ، بل إن بعض هؤلاء يكون مصاباً بذلك وفيه دِين وخير ، فعاقبته بصبره على مصيبته خير عاقبة ، وفي قصة المرأة التي تُصْرع وتتكشف عِبْرة وتصديقـاً لِمَا ذكَـرْت ، ففي « الصحيحين » من حديث « عطاء بن أبي رباح » قال : قـال « ابنُ عباس » : ألا أُرِيك امرأةً من أهل الجنة ؟! ، قلتُ : بلى ، قال : هذه المرأة السوداء ، أتَتِ النبي صلى الله عليه و سلمفقالت : " إِنِّي أُصرع وإني أتكَشَّف فادع الله لي " ، فقال : ( إنْ شِئْتِ صَبَرْتِ ولكِ الجنة ، وإن شئتِ دَعَوْتُ الله لَكِ أنْ يعافيكِ) ، فقالت : " أصبِر" ، ثم قالت : " فإني أتكشف فادع الله أن لا أتكَشَّف " ، فدعا لَهَا.

أما الصَّرعى حَقِيقَةً فقد بَيَّن أمرَهم ابنُ القيم ~ ، وإذا كان يقول هذا القول في وقته فكيف لو رأى ما نحن فيه ؟! ، ربما قال لنا : ( أنتم مصروعين بِجِنٍّ مصروعين !! ) ، ومعلومٌ أن للجن شياطين مُسَلَّطة عليهم كما هي مُسَلَّطة على الإنس .

وإليك كلامه فتأملـه -(وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُـون)- ، ونحن ليسَت ما تُسمى ( الحضارة ) دِيننا حتى نُخَوَّف بمخالفتها ! ، وإنما دِيننا الإسلام .

قال ~ : ( أما جَهَلة الأطباء وسَقَطهم وسفلتهم ومَن يعتقد بالزندقة فضيلة ، فأولئك يُنكرون صَرْعَ الأرواح ولاَ يُقِرُّون بأنها تؤثّر في بدن المصروع، وليس معهم إلا الجهل ، وإلا فليس في الصناعة الطبية ما يدفع ذلك ، والحسّ والوجود شَاهِدٌ بِه ) .

ثم ذَكَرَ أن مِنَ المعالجين لهذا الصرع من يكتفي بقوله : «أُخرج منه »، أو يقول :«بسم الله »، أو يقول : « لا حول ولا قوة إلا بالله »، والنبي صلى الله عليه و سلم كان يقول : «أُخْرُج عدو الله ، أنا رسول الله » .
ثم قال : ( وشاهدت شيخَنا « يعني شيخ الإسلام ابن تيميه ~ » يُرسل إلى المصروع مَن يُخاطب الرُّوحَ التي فيه ويقول : قال لكِ الشيخ:«أُخرجي ، فإنَّ هذا لا يحلّ لَكِ »،فيفيق المصروع .






ورُبَّما خاطَبَها بنفْسه، وربما كانت الرُّوح ماردة فيخرجها بالضرب ، فيفيق المصروع ولا يحس بألَم .
وقد شاهدنا نحن وغيرنا منه ذلك مراراً ، وكان كثيراً ما يقرأ في أذن المصروع ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ)
وحدثني أنه قرأها في أذن المصروع فقالت الروح : « نعم » ، ومَدَّ بها صوته قال : فأخذتُ له عصا وضربته بها في عروق عُنقه حتى تخلّت يدايَ من الضرب ، ولم يشكّ الحاضرون بأنه يموت لذلك الضرب ، ففي أثناء الضرب قالت : « أنا أحبـه » ، فقلت لها : هو لا يُحبكِ، قالت :« أنا أريد أنْ أحج به » ، فقلت لها : هو لا يريد أن يَحُـجَّ معكِ ، فقالت : « أنا أدعـه كرامة لك » ، قال : قلت : لاَ ، ولكن طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه و سلم ، قالت : « فأنا أخرج منه » ، قال : فقعد المصروع يلتفت يَمِنياً وشِمالاً ! .. وقال : [ ما جاء بي إلى حضرة الشيخ ؟! ] ، قالوا : وهذا الضرب كله - يعني ألم تشعر به ؟! - فقال : [ وعلى أي شيء يضربني الشيخ ولم أذنب ؟! ] ، ولَم يشعر بأنه وقع به ضرب البتّة .
وكان يُعالِج بآية الكرسي ، وكان يأمر بكثرة قراءة المصروع ومَن يعالجه بها وبقراءة المعوِّذتين .

وبالجملة ..فهذا النوع من الصَّرع وعلاجه لا ينكره إلا قليل الحظِّ من العلم والعقل والمعرفة .

أقول : كثيرونفي زماننا-لا كثَّرهم الله -ينكرون ذلكويسخرونمنه، وذلك من بعض بركات علوم الكفرة التي غرقوا في لُجج بحارها ! ، وما فُتحت عليهم في هذا الزمان الدجَّالي إلا لِهَوانِهِم على خالقهم ، ولأن عقولَهم غير قابلة لِتَلَقِّي موروث الصادق المصدوق صلى الله عليه و سلم ، ولذلك يحتقرون المؤمنين وَهُمُ الأراذل الأسافل ! .


الصـرع الأكـبـر :

ثم قال ابن القيم ~ بعد الكلام السابق مبيناً الصرع الذي يظن صاحبه أنه أعقل الناس وأكملهم مع أنَّ فيه الصرع الأكبر ، وقد ملأ هذا الصنف الأرض اليوم ! .

قال : ( ولَوْ كُشِف الغطاء لرأيتَ أكثر النفوس البشرية صرعى مع هذه الأرواح الخبيثة وهي في أسْرِها وقبضتها ، تسوقها حيث شاءت ، ولا يمكنها الامتناع عنها ولا مخالفتها ، وبها الصرع الأعظم الذي لا يفيق صاحبه إلا عند المفارقة والمعاينة - أي عند فراق الدنيا ومعاينة الآخرة - ، فهناك يتحقق أنه كان هو المصروع حقيقة - وبالله المستعان - ) .

وحيث قد تقدم بيانه ~ لعلاج الصرع الأصغر والأهون ، فتأمل الآن بيانه وإرشاده لعلاج الصرع الأكبر ، ولا ريب أن غفْلتنا عن هذا الأمر العظيم وترك معالجته لا تدل دلالتها إلا على استحكام هذا الصرع فينا مع فساد شعورنا به ! .

عـلاج الصـرع الأكـبـر :

قال ابن القيم ~ : ( وعلاج هذا الصرع باقتران العقل الصحيح إلى الإيمان بما جاءت به الرسل ، وأن تكون الجنة والنار نصب عينه وقِبْلَةَ قلبه ، ويستحضر أهل الدنيا وحلول الْمَثُلاَت والآفات بهم ، ووقوعها خلال ديارهم كمواقع القطر وهم صرعى لا يفيقون ؛ وما أشَدّ هذا الصرع ، ولكن لَمَّا عمَّت البلية به بحيث لا يُرى إلاَّ مصروعاً لَمْ يصِر مستغرَبـاً ولاَ مستنكَراً ، بل صار لكثرةِ المصروعين عين المستنكَر المستغرَب خلافه .

فإذا أراد الله بعبدٍ خيراً أفـاق من هذه الصَّرْعَـة ونَظَر إلى أبناء الدنيا مصروعين حَولَه يميناً وشمالاً على اختلافطبقاتهم ، فمنهم من أطبق به الجنون ، ومنهم مَن يُفيق أحياناً قليلة ويعود إلى جنونه ، ومنهم مَن يُفيق مرةً ويُجَنّ أخرى ، فإذا أفـاق عَمِلَ عَمَلَ أهل الإفاقـة والعقل ، ثم يُعـاوده الصرع فيقع في التخبيط ) ؛ وهذا ليس بخارجٍ عن موضوعنا ، ففيه موعظة بليغة وفتحُ بابٍ للتفكُّرِ السليم .




علي الالوسي
Admin

المساهمات : 67
تاريخ التسجيل : 30/08/2010

https://remal.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى