من ديوان الامام الشافعي رحمه الله تعالى
صفحة 1 من اصل 1
من ديوان الامام الشافعي رحمه الله تعالى
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ديوان الإمام الشافعي رحمه الله
كتمان الأسرار
إذا المرء أفشـى سـره بلسانـه----------ولام عليـه غـيره فـهو أحمـق
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه----------فصدر الذي يستودع السر أضيق
حمل النفس على ما يزينها
صن النفس واحملها على ما يزينهـا----------تعش سالماً والقول فيـك جميـل
ولا تـولـين النـاس إلا تجمـلاً----------نبا بك دهـر أو جـفاك خليـل
وإن ضاق رزق اليوم فاصبر إلى غدٍ----------عسى نكبات الدهر عنـك تزول
ولا خـير في ود امـريءٍ مـتلونٍ----------إذا الريح مالت ، مال حـيث تميل
وما أكـثر الإخوان حين تعدهـم----------ولكنهـم في الـنائبـات قليـل
تعريف الفقيه والرئيس والغني
إن الفقيـه هـو الفقيـه بفعلـه----------ليس الفقيـه بنطقـه ومقالـه
وكذا الرئيس هو الرئيس بخلقـه----------ليس الرئيس بقومـه ورجالـه
وكذا الغني هـو الغنـي بحالـه----------ليـس الغنـي بملكـه وبمالـه
القناعة
رأيـت القـناعـة رأس الغـن----------فـصرت بأذيالهـا متمـسـك
فـلا ذا يـراني علـى بابـه----------ولا ذا يـرانـي بـه منهمـك
فصـرت غنيـاً بـلا درهـمٍ----------أمـر علـى الناس شبـه الملك
مكارم الأخلاق
لما عـفوت ولم أحقـد على أحدٍ----------أرحـت نفسي من هم العداوات
إني أحيي عـدوي عنـد رؤيتـه----------أدفـع الشـر عـني بالتحيـات
وأظهـر البشر للإنسان أبغضـه----------كمـا أن قد حشـى قلبي محبات
الناس داء ودواء الناس قربـهم----------وفي اعتزالهـم قطـع المـودات
تأتي العزة بالقناعة
أمـت مطامعي فأرحت نفسـي----------فإن النفـس مـا طمعـت تهون
وأحـييت القنوع وكـان ميتـاً----------ففـي إحيائـه عـرض مصـون
إذا طمـع يحـل بقلـب عبـدٍ----------عـلتـه مهانـة وعـلاه هـون
الإعراض عن الجاهل
أعـرض عـن الجاهـل السفيه----------فكـل مـا قـال فهـو فيـه
مـا ضـر بحـر الفرات يومـاً----------إن خاض بعض الكـلاب فيـه
كتب إلى ابويطي وهو في السجن : حسن خلقك مع الغرباء ووطن نفسك لهم فإني كثيراً ما سمعت الشافعي يقول :
أهـين لهم نفسي وأكرمها بهم----------ولا تكرم النفـس الـتي لا تهينهـا
توقير الرجال
ومـن هـاب الـرجـال تهيبـه----------ومـن حـقر الرجـال فلن يهابـا
ومـن قضـت الرجال له حقوقاً----------ومن يعـص الرجـال فمـا أصابـا
السماحة وحسن الخلق
إذا سبنـي نـذل تزايدت رفعـه----------ومـا العـيب إلا أن أكون مساببـه
ولـو لم تكن نفسي عـلى عزيزة----------مكنتهـا من كـل نـذل تحـاربـه
ولـو أنني اسعـى لنفعي وجدتن----------كثـير التوانـي للذي أنـا طالبـه
ولكنني اسـعى لأنفـع صاحـبي----------وعار على الشبعان إن جاع صاحبـه
***
يخاطـبني السفيـه بكـل قبـح----------فـأكـره أن أكـون لـه مجيبـاً
يزيـد سفاهـة فأزيـد حلمـاً----------كـعـودٍ زاده الإحـراق طيبـاً
الفضل
أرى الغرفى الدنيا إذا كان فاضلاً ----------ترقى على رؤس الرجال ويخطـب
وإن كان مثلي لا فضيلة عنـده ----------يقاس بطفلٍ في الشـوارع يلعـب
قال الربيع بن سليمان يقول الشافعي :
على كل حالٍ أنت بالفضل آخذ ----------ومـا الفضـل إلا للـذي يتفضـل
الزهد ومصير الظالمين
بلوت بني الدنيا فلم أر فيهـم ----------سوى من غدا والبخل ملء إهـابـه
فجردت من غمد القناعة صارماً----------قطعـت رجائـي منهـم بذبـابـه
فـلا ذا يـراني واقفاً في طريقه----------ولا ذا يـراني قاعـداً عنـد بابـه
غنى بلا مالً عن الناس كلهـم----------وليس الغنى إلا عن الشـيء لآ بـه
إذا ما ظالم استحسن الظلم مذهباً----------ولـج عتـواً في قـبيـح اكتسابـه
فـكله إلى صـرف الليالي فإنهـا----------ستدعو له مـا لم يكـن في حسابـه
فكـم قـد رأينا ظالـماً متمرداً----------يرى النجـم رتيهاً تحت ظل ركابـه
فعمـا قـليلٍ وهـو في غفلاتـه----------أناخـت صـروف الحادثات ببابـه
وجـوزى بالأمر الذي كان فاعلاً----------وصـب عليـه اللـه سوط عذابـه
السكوت سلامة
قالوا اسكت وقد خوصمت قلت لهم----------إن الـجواب لباب الشـر مفتـاح
والصمت عن جاهلٍ أو أحمقٍ شـرف----------وفيه أيضاً لصون العـرض إصـلاح
أمـا ترى الأسد تخشى وهي صامته ؟----------والكلب يخسى لعمري وهـو نبـاح
الصمت خير من حشو الكلام
لا خـير فـي حشـو الكـلام ----------إذا اهتـدت إلــى عـيـونـه
والصـمـت أجـمـل بالفتـى----------مـن منطـق في غـير حينـه
وعـلـى الفتـى لـطبـاعـه----------سمـة تـلوح علـى جـبينـة
فضل السكوت
وجـدت سكـوتي متجـراً فلزمتـه----------إذا لـم أجد ربحاً فلسـت بخاسـر
ما الصمـت إلا في الرجـال متاجـر----------وتاجـره يعلـو علـى كل تاجـر
ومما تمثل به الإمام
إذا نطـق السـفيـه فـلا تـجبـه----------فخـير مـن إجابتـه السكـوت
فإن كـلمتـه فـرجـت عـنـه----------وإن خليتـه كـمـداً يـموت
الإعتزاز بالنفس
مـاحـك جلـدك مثـل ظفـرك----------فتـول أنـت جـميـع أمـرك
وإذا قـصـدت لـحـاجــةٍ----------فـاقـصـد لمـعتـرفٍ بقـدرك
الإنسان وحظه
المـرء يحظـى ثـم يعلـو ذكـره----------حـتى يزيـن بالـذي لـم يفعـل
وتـرى الشقـي إذا تكامـل عيبه----------يشقـى وينحـل كـل مـا لم يعمل
الإيثار والجود
أجود بموجـودٍ ولـو بـت طاويـاً----------عـلى الجوع كشحاً والحشا يتألـم
وأظهـر أسبـاب الغـنى بين رفقـتي----------لمخافـهـم حـالي وإنـي لمعـدم
وبيني وبيـن اللـه اشكـو فـاقتـي----------حقيقـاً فإن اللـه بالـحال أعلـم
عزة النفس
لقـلـع ضـرس وضـرب حبـس----------ونـزع نـفـس ورد أمــس
وقر بـردٍ وقــود فــرد----------ودبـغ جـلـد ٍ بغـير شمـس
وأكـل ضـب وصـيـد دب----------وصـرف حـب بـأرض خـرس
ونـفـخ نـار ٍ وحـمـل عـارٍ----------وبـيـع دارٍ بـربـع فـلـس
وبـيـع خـف وعـدم إلـفٍ----------وضرب ألـفٍ بـحـبـل قلـس
أهـون مـن وقـفـة الـحـر----------يـرجـو نـوالاً بـبـاب نـحس
الهمة العالية
أمطري لؤلؤاً جبال سرنديب----------وفيضي آباز تكرور تبرا
أنا إن عشت لست اعدم قوتاً----------وإذا مت لست اعدم قبراً
همتي همة الملوك ونفسي----------نفس حر ترى المذلة كفراً
وإذا ما قنعت بالقوت عمري----------فلماذا أزور زيداً وعمراً
الجود
إذا لم تجودوا والأمور بكم تمضي----------وقد ملكت أيديكم البسط والفيضا
فماذا يرجى منكم إن عزلتم----------وعضتكم الدنيا بأنيابها عضا
وتسترجع الأيام ما وهبتكم----------ومن عادة الأيام تسترجع القرضا
حقوق الناس
أرى راحة للحق عند قضائه----------ويثقل يوماً إن تركت على عمد
وحسبك حظاً أن ترى غير كاذبٍ----------وقولك لم اعلم وذلك من الجهد
ومن يقض حق الجار بعد ابن عمه----------وصاحبه الأدنى على القرب والبعد
يعش سيداً يستعذب الناس ذكره----------وإن نابه حق أتوه على قصد
منتهى الجود
يا لهف نفسي على مال أفرقه----------على المقلين من أهل المروات
إن إعتذاري إلى من جاء يسألني----------ما ليس عندي لمن إحدى المصيبات
فساد طبائع الناس
ألم يبق في الناس إلا المكر والملق----------شوك ، إذا لمسوا ، زهر إذا رمقوا
فإن دعتك ضرورات لعشرتهم----------فكن جحيماً لعل الشوك يحترق
حصيد البدع
لم يبرح الناس حتى أحدثوا بدعاً----------في الدين بالرأي لم يبعث بها الرسل
حتى استخف بدين الله أكثرهم----------وفي الذي حملوا من حقه شغل
الأمراض من ثلاث
ثلاث هن مهلكة الأنام----------أوداعية الصحيح إلى السقام
دوام مدامةٍ ودوام وطءٍ----------وإدخال الطعام على الطعام
مدارة الحساد
وداريت كل الناس لكن حاسدي----------مدارته عزت وعز منالها
وكيف يداري المرء حاسد نعمةٍ----------إذا كان لا يرضيه إلا زوالها
مرارة تحميل الجميل
لا تحملن لمن يمن----------من الأنام عليك منة
واختر لنفسك حظها----------واصبر فإن الصبر جنة
منن الرجال على القلوب----------أشد من وقع الأسنة
المنــة
رأيتك تكويني بمبسم منةٍ----------كأنك سر من أسرار تكويني
فدعني من المن فلقمة----------من العيش تكفيني إلى يوم تكفيني
شح الأنفس
وانطقت الدراهم بعد صمتٍ----------أناساً بعد ما كانوا سكوتاً
فما عطفوا على أحدٍ بفضلٍ----------ولا عرفوا لمكرمةٍ ثبوتاً
الكفر بالمنجمين
خبرا عني المنجم أني----------كافر بالذي قضته الكواكب
عالماً أن ما يكون وما كان----------قضاه من المهيمن واجب
------------------------------------------------------------ --
تغرب عن الأوطان في طلب العلى----------وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تفرج هم واكتساب معيشةٍ----------وعلمٍ وآدابٍ وصحبة ماجد
الحض على السفر من أرض الذل
ارحل بنفسك من ارضٍ تضام بها----------ولا تكن من فراق الأهل في حرق
فالعنبر الخام روث في موطونه----------وفي التغرب محمولُ على العنق
والكحل نوع من الأحجار تنظره----------في أرضه وهو مرمي على الطرق
لما تغرب حاز الفضل أجمعه----------فصار يحمل بين الجفن والحدق
حال الغريب
إن الغريب له مخافة سارقٍ----------وخضوع مديونٍ وذلة موثق
فإذا تذكر أهله وبلاده----------ففؤاده كجناح طيرٍ خافق
الحض على الترحال
ما في المقام لذي عقلٍ وذي أدبٍ----------من راحة فدع الأوطان واغترب
سافر تجد عوضاً عمن تفارقه----------وانصب فإن لذيذ العيش في النصب
إني رأيت وقوف الماء يفسده----------إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب
والأسد لولا فراق الأرض ما افترست----------والسهم لولا فراق القوس لم يصب
والشمس لو وقفت في الفلك دائمة ً----------لملها الناس من عجم ومن عرب
والتبر كالترب ملقي في أماكنه----------والعود في أرضه نوع من الخطب
فإن تغرب هذا عز مطلبه----------وإن تغرب ذلك عز كالذهب
الدهر يوم لك ويوم عليك
الدهر يومان ذا أمن وذا خطر----------والعيش عيشان ذا صفو وذا كدر
أما ترى البحر تعلو فوقه جيف----------وتستقر بأقصى قاعه الدرر
وفي السماء نجوم لا عداد لها----------وليس يكسف إلا الشمس والقمر
اليقظة والحذر
تاه الأعيرج واستغلى به الخطر----------فقل له خير ما استعملته الحذر
أحسنت ظنك بالأيام إذاحسنت----------ولم تخف سوء ما يأتي بها القدر
وسالمتك الليالي فاغتررت بها----------وعند صفو الليالي يحدث الكدر
الرضا بالقدر
وما كنت راضٍ من زماني بما ترى----------ولكنيي راضٍ بما حكم الدهر
فإن كانت الأيام خانت عهودنا----------فإني بها راضٍ ولكنها قهر
رد الجميل بالسيء
ومن الشقاوة أن تحب----------ومن تحب يحب غيرك
أو أن تريد الخير للإنسان----------وهو يريد ضيرك
الحظوظ
تموت الأسد في الغابات جوعاً----------ولحم الضأن تأكله الكلاب
وعبد قد ينام على حريرٍ----------وذو نسبٍ مفارشه التراب
تملك الأوغاد
محن الزمان كثيرة لا تنقضي----------وسروره يأتيك كالأعياد
ملك الأكابر فاسترق رقابهم----------وتراه رقاً في يد الأوغاد
مثلما تدين تدان
تحكموا فاستطالوا في تحكمهم----------وعما قليل كأن الأمر لم يكن
لو انصفوا انصفوا لكن بغوا فبقى----------عليهم الدهر بالأحزان والمحن
فأصبحوا ولسان الحال ينشدهم----------هذا بذال ولا عتب على الزمن
زن بما وزنت به
زن من وزنك بما وزنك----------وما وزنك به فزنه
من جاء إليك فرح إليه----------ومن جفاك فصد عنه
من ظن إليك دونه----------فاترك هواه إذن وهنه
وارجع إلى رب العباد----------فكل ما يأتيك منه
اكرام النفس
قنعت بالقوت من زماني----------وصنت نفسي عن الهوان
خوفاً من الناس ان يقولوا----------فضلاً فلان على فلان
من كنت عنه ماله غنياً----------فلا أبالي إذا جفاني
ومن رآني بعين نقصٍ----------رأيته بالتي رآني
ومن رآني بعين تم----------رأيته كامل المعاني
عين الرضا
وعين الرضا عن كل عيب كليلة----------ولكن عين السخط تبدي المساويا
ولست بهياب لمن لا يهابني----------ولست أرى للمرء ما لا يرى ليا
فإن تدن مني تدن منك مودتي----------وإن تفأ عني تلقني عنك نائياً
كلانا غني عن أخيه حياته----------ونحن إذا متنا أشد تغانيا
احذر الناس
إذا رمت أن تحيا سليماً من الردى----------ودينك موفور وعرضك صين
فلا ينطقن منك اللسان بسوأةٍ----------فكلك سوؤات وللناس السن
وعيناك إن أبدت إليك معايباً----------فدعها وقل يا عين للناس أعين
وعاشر بمعروفٍ وسامح من اعتدى----------ودافع ولكن بالتي هي أحسن
دية الذنب الإعتذار
قيل لي قد أسى عليك فلان----------ومقام الفتى على الذل عار
قلت قد جاءني وأحدث عذراً----------دية الذنب عندئذٍ الإعتذار
التماس العذر
اقبل معاذير من يأتيك معتذراً----------إن بر عندك فيما قال أو فجراً
لقد أطاعك من يرضيك ظاهره----------وقد أجلك من يعصيك مستتراً
من الورع اشتغالك بعيوبك
المرء إن كان عاقلاً ورعاً----------اشغله عن عيوب غيره ورعه
كما العليل السقيم اشغله----------عن وجع الناس كلهم وجعه
آداب النصح
تعمدني بنصحك في انفرادي----------وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع----------من التوبيخ لا أرضى استماعه
وإن حالفتني وعصين قولي----------فلا تجزع إذا لم تعط طاعه
واعظ الناس
يا واعظ الناس عما أنت فاعله----------يا من يعد عليه العمر بالنفس
أجفظ لشيبك من عيب يدنسه----------إن البياض قليل الحمل للدنس
كحامل لثياب الناس يغسلها----------وقوبه غارق في الرجس والنجس
تبغى النجاه ولم تملك طريقتها----------إن السفينة لا تجري على اليبس
ركوبك النعش ينسيك الركوب على----------ما كنت تركب من بغلٍ ومن فرسٍ
يوم القيامة لا مال ولا ولد----------وضمة القبر تنسي ليلة العرس
وقول الآخر :
لا كلف الله نفساً فوق طاقتها----------ولا تجود يد إلا بما تجد
فلا تعد عده إلا وفيت بها----------واحذر خلاف مقالٍ للذي تعد
حفظ اللسان
احفظ لسانك أيها الإنسان----------لا يلدغنك إنه ثعبان
كم في المقابر من قتيل لسانه----------كانت تهاب لقاءه الأقران
الوقار وخشية الله
ولولا الشعر بالعلماء يزري----------لكنت اليوم اشعر من لبيد
واشجع في الوغى من كل ليثٍ----------وآل مهلبٍ وبني يزيد
ولولا خشية الرحمن ربي----------حسبت الناس كلهم عبيدي
التسليم الخالص
إذا اصبحت عندي قوت يومي----------فخل الهم عني يا سعيد
ولا تخطر هموم غدٍ ببالي----------فإن غداً له رزق جديد
اسلم إن أراد الله أمراً----------فاترك ما أريد لما يريد
لا تقنط من رحمة الله
إن كنت تغدوا في الذنوب جليداً----------وتخاف في يوم المعاد وعيداً
فلقد اتاك من المهيمن عفوه----------وأفاض من نعمٍ عليك مزيداً
لا تيأسن من لطف ربك في الحشا----------في بطن أمك مضغه ووليداً
لو شاء أن تصلى جهنم خالداً----------ما كان الهم قلبك التوحيدا
من راقب الله رجع
حسبي بعلمي إن نفع----------ما الذل إلا في الطمع
من راقب الله رجع----------ما طار طير وارتفع
استغفار وتوبة
قلبي برحمتك اللهم ذو انسٍ في----------السر والجهر والأصباح والغلس
وما تقلبت من نومي وفي سنتي----------إلا وذكرك بين النفس
التوكل في طالب الرزق
توكلت في رزقي على الله خالقي----------وأيقنت أن الله لا شك رازقي
وما يك من رزقٍ فليس يفوتني----------ولو كان في قاع البحار العوامق
سيأتي به الله العظيم بفضله----------ولو لم يكن مني اللسان بناطق
ففي أي شيءٍ تذهب حسرةً----------وقد قسم الرحمن رزق الخلائق
ليس كل شيء بالعقل
لو كنت بالعقل تعطي ما تريد إذن----------لما ظفرت من الدنيا بمرزوق
رزقت مالاً على جهلٍ فعشت به----------فلست أول مجنونٍ ومرزوق
وقول آخر:
ما شئت كان وإن لم أشأ----------وما شئت إن لم تشأ لم يكن
خلقت العباد لما قد علمت----------ففي العلم يجري الفتى والمسن
فمنهم شقي ومنهم سعيد----------ومنهم قبيح ومنهم حسن
على ذا مننت ، وهذا خذلت----------وذلك أعنت وذا لم تعن
البعد عن أبواب الملوك
إن الملوك بلاء حيثما حلوا----------فلا يكن لك في أبوابهم ظل
ماذا تؤمل من قوم ٍ إذا غضبوا----------جاروا عليك وإن أرضيتهم ملوا
فاستغن بالله عن أبوابهم كرماً----------إن الوقوف على أبوابهم ذل
تذلل واستغاثة
بموقف ذل عزتك العظمى----------مخفي سرٍ لا أحيط به علماً
بإطراق رأسي باعترافي بذلتي----------يمد يدي استمطر الجود والرحمى
بأسمائك الحسنى التي بعض وصفها----------بعزتها يستغرق النثر والنظما
بعهد قديمٍ من ألست بربكم ؟----------بمن كان مجهولاً فعرف بالأسما
أذقنا شراب الأنس يا من إذا سقى----------محباً شراباً لا يضام ولا يظمأ
أماني الإنسان
يريد المرء أن يعطى مناه----------ويأبى الله إلا ما أرادا
قول المرء فائدتي ومالي----------وتقوى الله أفضل ما استفادا
نكران الجميل
تعصي الإله وأنت تظهر حبه----------هذا محال في القياس بديع
لو كان حبك صادقاً لأطعته----------إن المحب لمن يحب مطيع
في كل يومٍ يبتديك بنعمةٍ----------منه وأنت لشكر ذاك مضيع
لا أبالي
إنت حسبي وفيك للقلب حسب----------وحسبي أن صح لي فيك حسب
لا أبالي متى ودادك لي صح----------من الدهر ما تعرض خطب
كلما استحكمت فرجت
ولرب نازلةٍ يضيق لها الفتى----------ذرعاً وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها----------فرجت وكنت أظنها لا تفرج
الرضى بقضاء الله وقدره
دع الأيام تفعل ما تشاء----------وطب نفساً إذا حكم القضاء
ولا تجزع لحادثه الليالي----------فما لحوادث الدنيا من بقاء
وكن رجلاً عن الأهوال جلداً----------وشيمتك السماحة والوفاء
وأن كثرت عيوبك في البرايا----------وسرك يكون لها غطاء
تستر بالسخاء فكل عيبٍ----------يغطيه كما قيل السخاء
ولا ترى للأعادي قط ذلاً----------فإن شماته الأعداء بلاء
ولا ترج السماحة من بخيل----------فما في النار للظمآن ماء
ورزقك ليس ينقصه التأني----------وليس يزيد في الرزق العناء
ولا حزن يدوم ولا سرور----------ولا بؤس عليك ولا رخاء
إذا ما كنت ذا قلب قنوعٍ----------فأنت ومالك الدنيا سواء
ومن نزلت بساحته المنايا----------فلا أرض تقيه ولا سماء
وأرض الله واسعة ولكن----------إذا نزل القضاء ضاق الفضاء
دع الأيام تغدر كل حين----------فما يغني عن الموت الدواء
قيمة الدعاء
أتهزأ بالدعاء وتزدريه----------وما تدري بما صنع الدعاء
سهام الليل لا تخطي ولكن----------لها أمد وللأمد انقضاء
فيمسكها إذا ما شاء ربي----------ويرسلها إذا نفذ القضاء
زينة الإنسان العلم والتقوى
اصبر على مر الجفا من معلمٍ----------فإن رسوب العلم في نفراته
ومن لم يذق مر التعلم ساعة----------تجرع ذل الجهل طول حياته
ومن فاته التعلم وقت شبابه----------فكبر عليه اربعاً لوفاته
وذات الفتى والله بالعلم والتقى----------إذا لم يكونا لا اعتبار لذاته
بالعلم تبنى الأمجاد
رأيت العلم صاحبه كريم----------ولو ولدته آباء لئام
وليس يزال يرفعه إلى أن----------يعظم أمره القوم الكرام
ويتبعونه في كل حالٍ----------كراعي الضأن تتبعه السوام
فلولا العلم ما سعدت رجال----------ولا عرف الحلال ولا الحرام
العلم ما حفظت
علمي معي حيثما يممـت ينفعـني----------قلبي وعـاء لـه لا بطـن صـندوق
إن كنت في البيت كان العلم فيه معيي----------أو كنت في السوق كان العلم فيي السوق
أدب المناظرة
إذا ما كنت ذا فضل وعلم----------بما اختلف الأوائل والأواخر
فناظر من تناظر في سكونٍ----------حليما لا تلج ولا تكابر
يفيدك ما استفاد بلا امتنانٍ ----------من النكت اللطيفة والنوادر
وإياك اللجوح ومن يرائي----------بأني قد غلبت ومن يفاخر
فإن الشر في جنبات هذا----------يمني بالتقاطع والتدابر
المرء بما يعلمه
تعلم فليس المرء يولد عالماً----------وليس أخو علم كمن هو جاهل
وإن كبير القوم لا علم عنده----------صغير إذا التفت عليه الجحافل
وإن صغير القوم إن كان عالماً----------كبير إذا ردت إليه المحافل
تواضع العلماء
كلما أدبني الدهر----------أراني نقص عقلي
وإذا ما ازددت علماً----------زادني علماً بجهلي
نور العلم يسطع بترك المعاصي
شكوت إلي وكيع سوؤ حفظي----------فأرشدني إلى ترك المعاصي
واخبرني بأن العلم نور----------ونور الله لا يهدى لعاصي
شروط تحصيل العلم
أخي لن تنال العلم إلا بستةٍ----------سأنييك عن تفاصيلها ببيان
ذكاء وحرص واجتهاد وبلغه----------وصحبة استاذٍ وطول زمان
مفخرة الإنسان العلم
العلم مغرس كل فخر فافتخر----------واحذر يفوتك فخر ذاك المغرس
واعلم بأن العلم ليس يناله----------من همته في مطعم أو ملبس
إلا أخو العلم الذي يعني به----------في حالتيه عارياً أو مكتسي
فاجعل لنفسك منه حظاً وافراً----------واهجر له طيب الرقاد عبس
فلعل يوماً إن حضرت بمجلسٍ----------كنت الرئيس وفخر ذلك المجلس
الجد في طلب العلم
سهري لتنقيح العلوم الذلي----------من وصل غانيةٍ وطيب عناق
وصرير أقلامي على صفحاتها----------أحلى من الدوكاء والعشاق
وألذ من نقر الفتاة لدفها----------نقري لألقي الرمل عن أوراقي
وتما يلي طرباً لحل عويصةٍ----------في الدرس أشهى من مدامة ساقي
وأبيت سهران الدجا وتبيته----------نوماً وتبغي بعد ذلك لحاقي
يأتي العلم بالتفرغ
لا يدرك الحكمة من عمره----------يكدح في مصلحة الأهل
ولا ينال العلم إلا فتى----------خال من الأفكار والشغل
لو أن لقمان الحكيم الذي----------سارت به الركبان بالفضل
بلى بفقرٍ وعيالٍ لما----------فرق بين التبن والبقل
الناس خدم للعلم
العلم من فضله لمن خدمه----------أن يجعل الناس كلهم خدمه
فواجب صونه عليه كما----------يصون الناس عرضه ودمه
فمن حوى العلم ثم أودعه----------بجهله غير أهله ظلمه
العلم ومكانته
أأنثر دراً بين سارحة البهم----------وانظم منشوراً تراعية الغنم ؟
لعمر لئن ضيعت في شر بلدةٍ----------فلست مضيعاً فيهم غرر الكلم
لئن سهل الله العزيز بلطفه----------وصادفت أهلاً للعلوم وللحكم
بثثت مفيداً واستفدت ودادهم----------وإلا فمكنون لدى ومكتتم
ومن منح الجهال علماً أضاعه----------ومن منع المستوجيين فقد ظلم
أفضل العلوم
كل العلوم سوي القرآن مشغلة----------إلا الحديث وعلم الفقه في الدين
علم ما كان فيه قال حدثنا----------وما سوي ذلك وسواس الشياطين
وقول آخر:
جنونك مجنون ولست بواجدٍ----------طبيباً يداوي من جنن جنون
حب آل البيت فرض من الله
يا آل بيت رسول الله حبكم----------فرض من الله في القرآن أنزله
يكفيكم من عظيم الفخر أنكم----------من لم يصل عليكم لا صلاة له
الترفض
قالوا ترفضت قلت : كلا----------ما الرفض ديني ولا اعتقادي
لكن توليت غير شكٍ----------خير إمامٍ وخير هادي
إن كان حب الولي رفضاً----------فإن رفضي إلى العباد
الخلفاء الراشدون
شهدت بان الله لا رب غيره----------وأشهد أن البعث حق وأخلص
وأن عرى الإيمان قول مبين----------وفعل زكيى قد يزيد وينقص
وأن أبا بكرٍ خليفة ربه----------وكان أبو حفصٍ على الخير يحرص
وأشهد ربي أن عثمان فاضل----------وأن علياً فضله متخصص
أئمة قومٍ يهتدي بهداهم----------لحى الله من إياهم يتنقص
أبو حنيفة
لقد زان البلاد ومن عليها----------إمام المسلمين أبو حنيفة
بأحكامٍ وآثار وفقةٍ----------كآيات الزبور على الصحيفة
فما بالمشرقي له نظير----------ولا بالمغربين ولا بكوفة
فرحمة ربنا أبداً عليه----------مدى الأيام ما قرئت صحيفة
حياة الأشراف واللئام
أررى حمراً ترعى وتعلف ما تهوى----------وأسداً جياعاً تظمأ الدهر لا تروى
وأشراف قومٍ لا ينالون قوتهم----------وقوماً لئاماً تأكل المن والسولى
قضاء لديانٍ الخلائق سابق----------وليس على مر القضاء أحد يقوى
فمن عرف الدهر الخؤون وصرفه----------تصبر للبلوى ولم يظهر الشكوى
ود الناس
إني صحبت الناس ما لهم عدد----------وكنت أحسب إني قد ملأت يدي
لما بلوت أخلائي وجدتهم----------كالدهر في الغدر لم يبقوا على أحد
قلة الإخوان عند الشدائد
ولما اتيت الناس اطلب عندهم----------أخا ثقةٍ عند أبتاء الشدائد
تقلبت في دهري رخاء وشدة----------وناديت في الأحياء هل من مساعد؟
فلم أر فيما ساءني غير شامتٍ ----------ولم أر فيما سرني غير جامد
البلاء من أنفسنا
نعيب زماننا والعيب فينا----------وما لزماننا عيب سوانا
ونهجوا ذا الزمان بغير ذنبٍ----------ولو نطق الزمان لنا هجانا
وليس الذئب يأكل لحم ذئبٍ----------ويأكل بعضنا بعضنا عيانا
الضر من غير قصد
رام نفعاً فضر من غير قصدً----------ومن البر ما يكون عقوقاً
مساءة الظن
لا يكن ظنك إلا سيئاً----------إن الظن من أقوى الفطن
ما رمى الإنعسان في مخمصةٍ----------غير حسن الظن والقول الحسن
ترك الهموم
سهرت أعين ، ونامت عيون----------في أمور تكون أو لا تكون
فادرأ الهم ما استعطت عن النفس----------فحملانك الهموم جنون
إن رباً كفاك بالأمس ما كان----------سيكفيك في غدٍ ما يكون
الأصدقاء عند الشدائد
صديق ليس ينفع يوم بؤس----------قريب من عدو في القياس
وما يبقى الصديق بكل عصرٍ----------ولا الإخوان إلا للتآسي
عمرت الدهر ملتمساً بجهدي----------أخا ثقة فألهاني التماسي
تنكرت البلاد ومن عليها----------كأن أناسها ليس بناسي
اسس الصداقة
إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفاً----------فدعه ولا تكثر عليه التأسفا
ففي الناس أبدال وفي الترك راحة----------وفي القلب صبر للحبيب ولو جفا
فما كل من تهواه يهواك قلبه----------ولا كل من صافيته لك قد صفا
إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة----------فلا خير في خل يجيء تكلفا
ولا خير في خل يخون خليله----------ويلقاه من بعد المودة بالجفا
وينكر عيشاً قد تقادم عهده----------ويظهر سراً كان بالأمس في خفا
سلام على الدنيا إذا لم يكن بها صديق----------صدوق صادق الوعد منصفا
حب الصالحين
أحب الصالحين ولست منهم----------لعلي أنال بهم شفاعة
وأكره من تجارته المعاصي----------ولو كلنا سواء في البضاعة
الخالص من الأصحاب
كن ساكناً في ذا الزمان بسيره----------وعن الورى كن راهباً في ديره
واغسل يديك من الزمان وأهله----------وإحذر مودتهم تنل من خيره
إني اطلعت فلم أجد لي صاحباً----------أصحبه في الدهر ولا في غيره
فتركت أسفلهم لكثرة شره----------وتركت أعلاهم لقلة خيره
الوحدة خير من جليس السوء
إذا لم أجد خلاً تقياً فوحدتي----------ألذ أشهى من غوىٍ أعاشره
وأجلس وحدي للعبادة آمناً----------أقر لعيني من جليسٍ أحاذره
خيرة الأصحاب
أحب من الأخوان كل مواتى----------وكل غضيض الطرف عن عثراتي
يوافقني في كل أمر أريده----------ويحفظني حياً وبعد مماتي
فمن لي بهذا ؟ ليت أني أصبته----------لقاسمته ما لي من الحسنات
تصفحت إخواني فكان أقلهم----------على كثرة الإخوان أهل ثقاتي
مكر الناس
ليت الكلاب لنا كانت مجاورة----------وليتنا لا نرى مما نرى أحدا
أن الكلاب لتهدتي في مواطنها----------والخلق ليس بهاد شرهم أبدا
فاهرب بنفسك واستأنس بوحدتها----------تبقى سعيداً إذا ما كنت منفرداً
مقامات البشر
أصبحت مطرحاً في معشر جهلوا----------حق الأديب فباعوا الرأس بالذنب
والناس يجمعهم شمل ، وبينهم----------في العقل فرق وفي الآداب والحسب
كمثل ما للذهب اللإبريز بشركة----------في لونه الأصفر والتفضيل للذهب
ولاعود لو لم تطب منه روائحه----------لم يفرق الناس بين العود والحطب
محط الرجاء
إذا رمت المكارم من كريم----------فيمم من بنى لله بيتاً
فذاك الليث من يحمي حماه----------ويكرم ضمفه حياً وميتا
التأهب للآخرة
يا من يعانق دنيا لا بقاء لها ----------يمسي ويصبح في دنياه سفاراً
هلا تركت لذي الدنيا معانقة----------حتى تعانق في الفردوس أبكارا
إن كنت تبغى جنان الخلد تسكنها----------فينبغي لك أن لا تأمن النارا
وداع الدنيا والتأهب للآخره
ولما قسا قلبي ، وضاقت مذاهبي----------جعلت الرجا مني لعفوك سلما
تعاظمني ذنبي فلما قرنته----------بعفوك ربي كان عفوك أعظما
فما زلت ذا عفوٍ عن الذنب لم تزل----------تجود وتعفو منة وتكرما
فلولاك لم يصمد لابليس عابد----------فيكف وقد اغوى صفيك آدما
فلله در العارف الندب أنه----------تفيض لفرط الوجد أجفانه دما
يقيم إذا ما الليل مد ظلامه----------على نفسه من شدة الخوف مأتما
فصيحاً إذا ما كان في ذكر به----------وفي ما سواه في الورى كان أعجماٍ
ويذكر أياماً مضت من شبابه----------وما كان فيها بالجهالة أجرما
فصار قرين الهم طول نهاره----------أخا السهد والنجوى إذا الليل أظلما
يقول حبيبي أنت سؤلي وبغيتي----------كفى بك للراجين سؤلاً ومغنما
ألست الذي عديتني وهديتني----------ولا زلت مناناً علي ومنعما
عسى من له الإحسان يغفر زلتي----------ويستر أوزاري وما قد تقدما
تعزية
إني أعزيك لا اني علىطمعٍ----------من الخلود ولكن سنة الدين
فما المعزي بباقٍ بعد صاحبه----------ولا المعزى وإن عاشا إلى حين
سفينة المؤمن
إن لله عباداً فطنا----------تركوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا----------أنها ليست لحي وطنا
جعلوها لجة واتخذوا----------صالح الأعمال فيها سفنا
الموت سبيل كل حي
تمنى رجالٌ أن أموت وإن أمت----------فتلك سبيل لست فيها بأوحد
وما موت من قد مات قبلي بضائري----------ولا عيش من قد عشا بعدي بمخلدي
لعل الذي يرجو فنائي ويدعي----------به قبل موتي أن يكون هو الردى
فقل للذي يبقى خلاف الذي مضى----------تهيأ لأخرى مثلها فكأن قد
ديوان الإمام الشافعي رحمه الله
كتمان الأسرار
إذا المرء أفشـى سـره بلسانـه----------ولام عليـه غـيره فـهو أحمـق
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه----------فصدر الذي يستودع السر أضيق
حمل النفس على ما يزينها
صن النفس واحملها على ما يزينهـا----------تعش سالماً والقول فيـك جميـل
ولا تـولـين النـاس إلا تجمـلاً----------نبا بك دهـر أو جـفاك خليـل
وإن ضاق رزق اليوم فاصبر إلى غدٍ----------عسى نكبات الدهر عنـك تزول
ولا خـير في ود امـريءٍ مـتلونٍ----------إذا الريح مالت ، مال حـيث تميل
وما أكـثر الإخوان حين تعدهـم----------ولكنهـم في الـنائبـات قليـل
تعريف الفقيه والرئيس والغني
إن الفقيـه هـو الفقيـه بفعلـه----------ليس الفقيـه بنطقـه ومقالـه
وكذا الرئيس هو الرئيس بخلقـه----------ليس الرئيس بقومـه ورجالـه
وكذا الغني هـو الغنـي بحالـه----------ليـس الغنـي بملكـه وبمالـه
القناعة
رأيـت القـناعـة رأس الغـن----------فـصرت بأذيالهـا متمـسـك
فـلا ذا يـراني علـى بابـه----------ولا ذا يـرانـي بـه منهمـك
فصـرت غنيـاً بـلا درهـمٍ----------أمـر علـى الناس شبـه الملك
مكارم الأخلاق
لما عـفوت ولم أحقـد على أحدٍ----------أرحـت نفسي من هم العداوات
إني أحيي عـدوي عنـد رؤيتـه----------أدفـع الشـر عـني بالتحيـات
وأظهـر البشر للإنسان أبغضـه----------كمـا أن قد حشـى قلبي محبات
الناس داء ودواء الناس قربـهم----------وفي اعتزالهـم قطـع المـودات
تأتي العزة بالقناعة
أمـت مطامعي فأرحت نفسـي----------فإن النفـس مـا طمعـت تهون
وأحـييت القنوع وكـان ميتـاً----------ففـي إحيائـه عـرض مصـون
إذا طمـع يحـل بقلـب عبـدٍ----------عـلتـه مهانـة وعـلاه هـون
الإعراض عن الجاهل
أعـرض عـن الجاهـل السفيه----------فكـل مـا قـال فهـو فيـه
مـا ضـر بحـر الفرات يومـاً----------إن خاض بعض الكـلاب فيـه
كتب إلى ابويطي وهو في السجن : حسن خلقك مع الغرباء ووطن نفسك لهم فإني كثيراً ما سمعت الشافعي يقول :
أهـين لهم نفسي وأكرمها بهم----------ولا تكرم النفـس الـتي لا تهينهـا
توقير الرجال
ومـن هـاب الـرجـال تهيبـه----------ومـن حـقر الرجـال فلن يهابـا
ومـن قضـت الرجال له حقوقاً----------ومن يعـص الرجـال فمـا أصابـا
السماحة وحسن الخلق
إذا سبنـي نـذل تزايدت رفعـه----------ومـا العـيب إلا أن أكون مساببـه
ولـو لم تكن نفسي عـلى عزيزة----------مكنتهـا من كـل نـذل تحـاربـه
ولـو أنني اسعـى لنفعي وجدتن----------كثـير التوانـي للذي أنـا طالبـه
ولكنني اسـعى لأنفـع صاحـبي----------وعار على الشبعان إن جاع صاحبـه
***
يخاطـبني السفيـه بكـل قبـح----------فـأكـره أن أكـون لـه مجيبـاً
يزيـد سفاهـة فأزيـد حلمـاً----------كـعـودٍ زاده الإحـراق طيبـاً
الفضل
أرى الغرفى الدنيا إذا كان فاضلاً ----------ترقى على رؤس الرجال ويخطـب
وإن كان مثلي لا فضيلة عنـده ----------يقاس بطفلٍ في الشـوارع يلعـب
قال الربيع بن سليمان يقول الشافعي :
على كل حالٍ أنت بالفضل آخذ ----------ومـا الفضـل إلا للـذي يتفضـل
الزهد ومصير الظالمين
بلوت بني الدنيا فلم أر فيهـم ----------سوى من غدا والبخل ملء إهـابـه
فجردت من غمد القناعة صارماً----------قطعـت رجائـي منهـم بذبـابـه
فـلا ذا يـراني واقفاً في طريقه----------ولا ذا يـراني قاعـداً عنـد بابـه
غنى بلا مالً عن الناس كلهـم----------وليس الغنى إلا عن الشـيء لآ بـه
إذا ما ظالم استحسن الظلم مذهباً----------ولـج عتـواً في قـبيـح اكتسابـه
فـكله إلى صـرف الليالي فإنهـا----------ستدعو له مـا لم يكـن في حسابـه
فكـم قـد رأينا ظالـماً متمرداً----------يرى النجـم رتيهاً تحت ظل ركابـه
فعمـا قـليلٍ وهـو في غفلاتـه----------أناخـت صـروف الحادثات ببابـه
وجـوزى بالأمر الذي كان فاعلاً----------وصـب عليـه اللـه سوط عذابـه
السكوت سلامة
قالوا اسكت وقد خوصمت قلت لهم----------إن الـجواب لباب الشـر مفتـاح
والصمت عن جاهلٍ أو أحمقٍ شـرف----------وفيه أيضاً لصون العـرض إصـلاح
أمـا ترى الأسد تخشى وهي صامته ؟----------والكلب يخسى لعمري وهـو نبـاح
الصمت خير من حشو الكلام
لا خـير فـي حشـو الكـلام ----------إذا اهتـدت إلــى عـيـونـه
والصـمـت أجـمـل بالفتـى----------مـن منطـق في غـير حينـه
وعـلـى الفتـى لـطبـاعـه----------سمـة تـلوح علـى جـبينـة
فضل السكوت
وجـدت سكـوتي متجـراً فلزمتـه----------إذا لـم أجد ربحاً فلسـت بخاسـر
ما الصمـت إلا في الرجـال متاجـر----------وتاجـره يعلـو علـى كل تاجـر
ومما تمثل به الإمام
إذا نطـق السـفيـه فـلا تـجبـه----------فخـير مـن إجابتـه السكـوت
فإن كـلمتـه فـرجـت عـنـه----------وإن خليتـه كـمـداً يـموت
الإعتزاز بالنفس
مـاحـك جلـدك مثـل ظفـرك----------فتـول أنـت جـميـع أمـرك
وإذا قـصـدت لـحـاجــةٍ----------فـاقـصـد لمـعتـرفٍ بقـدرك
الإنسان وحظه
المـرء يحظـى ثـم يعلـو ذكـره----------حـتى يزيـن بالـذي لـم يفعـل
وتـرى الشقـي إذا تكامـل عيبه----------يشقـى وينحـل كـل مـا لم يعمل
الإيثار والجود
أجود بموجـودٍ ولـو بـت طاويـاً----------عـلى الجوع كشحاً والحشا يتألـم
وأظهـر أسبـاب الغـنى بين رفقـتي----------لمخافـهـم حـالي وإنـي لمعـدم
وبيني وبيـن اللـه اشكـو فـاقتـي----------حقيقـاً فإن اللـه بالـحال أعلـم
عزة النفس
لقـلـع ضـرس وضـرب حبـس----------ونـزع نـفـس ورد أمــس
وقر بـردٍ وقــود فــرد----------ودبـغ جـلـد ٍ بغـير شمـس
وأكـل ضـب وصـيـد دب----------وصـرف حـب بـأرض خـرس
ونـفـخ نـار ٍ وحـمـل عـارٍ----------وبـيـع دارٍ بـربـع فـلـس
وبـيـع خـف وعـدم إلـفٍ----------وضرب ألـفٍ بـحـبـل قلـس
أهـون مـن وقـفـة الـحـر----------يـرجـو نـوالاً بـبـاب نـحس
الهمة العالية
أمطري لؤلؤاً جبال سرنديب----------وفيضي آباز تكرور تبرا
أنا إن عشت لست اعدم قوتاً----------وإذا مت لست اعدم قبراً
همتي همة الملوك ونفسي----------نفس حر ترى المذلة كفراً
وإذا ما قنعت بالقوت عمري----------فلماذا أزور زيداً وعمراً
الجود
إذا لم تجودوا والأمور بكم تمضي----------وقد ملكت أيديكم البسط والفيضا
فماذا يرجى منكم إن عزلتم----------وعضتكم الدنيا بأنيابها عضا
وتسترجع الأيام ما وهبتكم----------ومن عادة الأيام تسترجع القرضا
حقوق الناس
أرى راحة للحق عند قضائه----------ويثقل يوماً إن تركت على عمد
وحسبك حظاً أن ترى غير كاذبٍ----------وقولك لم اعلم وذلك من الجهد
ومن يقض حق الجار بعد ابن عمه----------وصاحبه الأدنى على القرب والبعد
يعش سيداً يستعذب الناس ذكره----------وإن نابه حق أتوه على قصد
منتهى الجود
يا لهف نفسي على مال أفرقه----------على المقلين من أهل المروات
إن إعتذاري إلى من جاء يسألني----------ما ليس عندي لمن إحدى المصيبات
فساد طبائع الناس
ألم يبق في الناس إلا المكر والملق----------شوك ، إذا لمسوا ، زهر إذا رمقوا
فإن دعتك ضرورات لعشرتهم----------فكن جحيماً لعل الشوك يحترق
حصيد البدع
لم يبرح الناس حتى أحدثوا بدعاً----------في الدين بالرأي لم يبعث بها الرسل
حتى استخف بدين الله أكثرهم----------وفي الذي حملوا من حقه شغل
الأمراض من ثلاث
ثلاث هن مهلكة الأنام----------أوداعية الصحيح إلى السقام
دوام مدامةٍ ودوام وطءٍ----------وإدخال الطعام على الطعام
مدارة الحساد
وداريت كل الناس لكن حاسدي----------مدارته عزت وعز منالها
وكيف يداري المرء حاسد نعمةٍ----------إذا كان لا يرضيه إلا زوالها
مرارة تحميل الجميل
لا تحملن لمن يمن----------من الأنام عليك منة
واختر لنفسك حظها----------واصبر فإن الصبر جنة
منن الرجال على القلوب----------أشد من وقع الأسنة
المنــة
رأيتك تكويني بمبسم منةٍ----------كأنك سر من أسرار تكويني
فدعني من المن فلقمة----------من العيش تكفيني إلى يوم تكفيني
شح الأنفس
وانطقت الدراهم بعد صمتٍ----------أناساً بعد ما كانوا سكوتاً
فما عطفوا على أحدٍ بفضلٍ----------ولا عرفوا لمكرمةٍ ثبوتاً
الكفر بالمنجمين
خبرا عني المنجم أني----------كافر بالذي قضته الكواكب
عالماً أن ما يكون وما كان----------قضاه من المهيمن واجب
------------------------------------------------------------ --
تغرب عن الأوطان في طلب العلى----------وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تفرج هم واكتساب معيشةٍ----------وعلمٍ وآدابٍ وصحبة ماجد
الحض على السفر من أرض الذل
ارحل بنفسك من ارضٍ تضام بها----------ولا تكن من فراق الأهل في حرق
فالعنبر الخام روث في موطونه----------وفي التغرب محمولُ على العنق
والكحل نوع من الأحجار تنظره----------في أرضه وهو مرمي على الطرق
لما تغرب حاز الفضل أجمعه----------فصار يحمل بين الجفن والحدق
حال الغريب
إن الغريب له مخافة سارقٍ----------وخضوع مديونٍ وذلة موثق
فإذا تذكر أهله وبلاده----------ففؤاده كجناح طيرٍ خافق
الحض على الترحال
ما في المقام لذي عقلٍ وذي أدبٍ----------من راحة فدع الأوطان واغترب
سافر تجد عوضاً عمن تفارقه----------وانصب فإن لذيذ العيش في النصب
إني رأيت وقوف الماء يفسده----------إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب
والأسد لولا فراق الأرض ما افترست----------والسهم لولا فراق القوس لم يصب
والشمس لو وقفت في الفلك دائمة ً----------لملها الناس من عجم ومن عرب
والتبر كالترب ملقي في أماكنه----------والعود في أرضه نوع من الخطب
فإن تغرب هذا عز مطلبه----------وإن تغرب ذلك عز كالذهب
الدهر يوم لك ويوم عليك
الدهر يومان ذا أمن وذا خطر----------والعيش عيشان ذا صفو وذا كدر
أما ترى البحر تعلو فوقه جيف----------وتستقر بأقصى قاعه الدرر
وفي السماء نجوم لا عداد لها----------وليس يكسف إلا الشمس والقمر
اليقظة والحذر
تاه الأعيرج واستغلى به الخطر----------فقل له خير ما استعملته الحذر
أحسنت ظنك بالأيام إذاحسنت----------ولم تخف سوء ما يأتي بها القدر
وسالمتك الليالي فاغتررت بها----------وعند صفو الليالي يحدث الكدر
الرضا بالقدر
وما كنت راضٍ من زماني بما ترى----------ولكنيي راضٍ بما حكم الدهر
فإن كانت الأيام خانت عهودنا----------فإني بها راضٍ ولكنها قهر
رد الجميل بالسيء
ومن الشقاوة أن تحب----------ومن تحب يحب غيرك
أو أن تريد الخير للإنسان----------وهو يريد ضيرك
الحظوظ
تموت الأسد في الغابات جوعاً----------ولحم الضأن تأكله الكلاب
وعبد قد ينام على حريرٍ----------وذو نسبٍ مفارشه التراب
تملك الأوغاد
محن الزمان كثيرة لا تنقضي----------وسروره يأتيك كالأعياد
ملك الأكابر فاسترق رقابهم----------وتراه رقاً في يد الأوغاد
مثلما تدين تدان
تحكموا فاستطالوا في تحكمهم----------وعما قليل كأن الأمر لم يكن
لو انصفوا انصفوا لكن بغوا فبقى----------عليهم الدهر بالأحزان والمحن
فأصبحوا ولسان الحال ينشدهم----------هذا بذال ولا عتب على الزمن
زن بما وزنت به
زن من وزنك بما وزنك----------وما وزنك به فزنه
من جاء إليك فرح إليه----------ومن جفاك فصد عنه
من ظن إليك دونه----------فاترك هواه إذن وهنه
وارجع إلى رب العباد----------فكل ما يأتيك منه
اكرام النفس
قنعت بالقوت من زماني----------وصنت نفسي عن الهوان
خوفاً من الناس ان يقولوا----------فضلاً فلان على فلان
من كنت عنه ماله غنياً----------فلا أبالي إذا جفاني
ومن رآني بعين نقصٍ----------رأيته بالتي رآني
ومن رآني بعين تم----------رأيته كامل المعاني
عين الرضا
وعين الرضا عن كل عيب كليلة----------ولكن عين السخط تبدي المساويا
ولست بهياب لمن لا يهابني----------ولست أرى للمرء ما لا يرى ليا
فإن تدن مني تدن منك مودتي----------وإن تفأ عني تلقني عنك نائياً
كلانا غني عن أخيه حياته----------ونحن إذا متنا أشد تغانيا
احذر الناس
إذا رمت أن تحيا سليماً من الردى----------ودينك موفور وعرضك صين
فلا ينطقن منك اللسان بسوأةٍ----------فكلك سوؤات وللناس السن
وعيناك إن أبدت إليك معايباً----------فدعها وقل يا عين للناس أعين
وعاشر بمعروفٍ وسامح من اعتدى----------ودافع ولكن بالتي هي أحسن
دية الذنب الإعتذار
قيل لي قد أسى عليك فلان----------ومقام الفتى على الذل عار
قلت قد جاءني وأحدث عذراً----------دية الذنب عندئذٍ الإعتذار
التماس العذر
اقبل معاذير من يأتيك معتذراً----------إن بر عندك فيما قال أو فجراً
لقد أطاعك من يرضيك ظاهره----------وقد أجلك من يعصيك مستتراً
من الورع اشتغالك بعيوبك
المرء إن كان عاقلاً ورعاً----------اشغله عن عيوب غيره ورعه
كما العليل السقيم اشغله----------عن وجع الناس كلهم وجعه
آداب النصح
تعمدني بنصحك في انفرادي----------وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع----------من التوبيخ لا أرضى استماعه
وإن حالفتني وعصين قولي----------فلا تجزع إذا لم تعط طاعه
واعظ الناس
يا واعظ الناس عما أنت فاعله----------يا من يعد عليه العمر بالنفس
أجفظ لشيبك من عيب يدنسه----------إن البياض قليل الحمل للدنس
كحامل لثياب الناس يغسلها----------وقوبه غارق في الرجس والنجس
تبغى النجاه ولم تملك طريقتها----------إن السفينة لا تجري على اليبس
ركوبك النعش ينسيك الركوب على----------ما كنت تركب من بغلٍ ومن فرسٍ
يوم القيامة لا مال ولا ولد----------وضمة القبر تنسي ليلة العرس
وقول الآخر :
لا كلف الله نفساً فوق طاقتها----------ولا تجود يد إلا بما تجد
فلا تعد عده إلا وفيت بها----------واحذر خلاف مقالٍ للذي تعد
حفظ اللسان
احفظ لسانك أيها الإنسان----------لا يلدغنك إنه ثعبان
كم في المقابر من قتيل لسانه----------كانت تهاب لقاءه الأقران
الوقار وخشية الله
ولولا الشعر بالعلماء يزري----------لكنت اليوم اشعر من لبيد
واشجع في الوغى من كل ليثٍ----------وآل مهلبٍ وبني يزيد
ولولا خشية الرحمن ربي----------حسبت الناس كلهم عبيدي
التسليم الخالص
إذا اصبحت عندي قوت يومي----------فخل الهم عني يا سعيد
ولا تخطر هموم غدٍ ببالي----------فإن غداً له رزق جديد
اسلم إن أراد الله أمراً----------فاترك ما أريد لما يريد
لا تقنط من رحمة الله
إن كنت تغدوا في الذنوب جليداً----------وتخاف في يوم المعاد وعيداً
فلقد اتاك من المهيمن عفوه----------وأفاض من نعمٍ عليك مزيداً
لا تيأسن من لطف ربك في الحشا----------في بطن أمك مضغه ووليداً
لو شاء أن تصلى جهنم خالداً----------ما كان الهم قلبك التوحيدا
من راقب الله رجع
حسبي بعلمي إن نفع----------ما الذل إلا في الطمع
من راقب الله رجع----------ما طار طير وارتفع
استغفار وتوبة
قلبي برحمتك اللهم ذو انسٍ في----------السر والجهر والأصباح والغلس
وما تقلبت من نومي وفي سنتي----------إلا وذكرك بين النفس
التوكل في طالب الرزق
توكلت في رزقي على الله خالقي----------وأيقنت أن الله لا شك رازقي
وما يك من رزقٍ فليس يفوتني----------ولو كان في قاع البحار العوامق
سيأتي به الله العظيم بفضله----------ولو لم يكن مني اللسان بناطق
ففي أي شيءٍ تذهب حسرةً----------وقد قسم الرحمن رزق الخلائق
ليس كل شيء بالعقل
لو كنت بالعقل تعطي ما تريد إذن----------لما ظفرت من الدنيا بمرزوق
رزقت مالاً على جهلٍ فعشت به----------فلست أول مجنونٍ ومرزوق
وقول آخر:
ما شئت كان وإن لم أشأ----------وما شئت إن لم تشأ لم يكن
خلقت العباد لما قد علمت----------ففي العلم يجري الفتى والمسن
فمنهم شقي ومنهم سعيد----------ومنهم قبيح ومنهم حسن
على ذا مننت ، وهذا خذلت----------وذلك أعنت وذا لم تعن
البعد عن أبواب الملوك
إن الملوك بلاء حيثما حلوا----------فلا يكن لك في أبوابهم ظل
ماذا تؤمل من قوم ٍ إذا غضبوا----------جاروا عليك وإن أرضيتهم ملوا
فاستغن بالله عن أبوابهم كرماً----------إن الوقوف على أبوابهم ذل
تذلل واستغاثة
بموقف ذل عزتك العظمى----------مخفي سرٍ لا أحيط به علماً
بإطراق رأسي باعترافي بذلتي----------يمد يدي استمطر الجود والرحمى
بأسمائك الحسنى التي بعض وصفها----------بعزتها يستغرق النثر والنظما
بعهد قديمٍ من ألست بربكم ؟----------بمن كان مجهولاً فعرف بالأسما
أذقنا شراب الأنس يا من إذا سقى----------محباً شراباً لا يضام ولا يظمأ
أماني الإنسان
يريد المرء أن يعطى مناه----------ويأبى الله إلا ما أرادا
قول المرء فائدتي ومالي----------وتقوى الله أفضل ما استفادا
نكران الجميل
تعصي الإله وأنت تظهر حبه----------هذا محال في القياس بديع
لو كان حبك صادقاً لأطعته----------إن المحب لمن يحب مطيع
في كل يومٍ يبتديك بنعمةٍ----------منه وأنت لشكر ذاك مضيع
لا أبالي
إنت حسبي وفيك للقلب حسب----------وحسبي أن صح لي فيك حسب
لا أبالي متى ودادك لي صح----------من الدهر ما تعرض خطب
كلما استحكمت فرجت
ولرب نازلةٍ يضيق لها الفتى----------ذرعاً وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها----------فرجت وكنت أظنها لا تفرج
الرضى بقضاء الله وقدره
دع الأيام تفعل ما تشاء----------وطب نفساً إذا حكم القضاء
ولا تجزع لحادثه الليالي----------فما لحوادث الدنيا من بقاء
وكن رجلاً عن الأهوال جلداً----------وشيمتك السماحة والوفاء
وأن كثرت عيوبك في البرايا----------وسرك يكون لها غطاء
تستر بالسخاء فكل عيبٍ----------يغطيه كما قيل السخاء
ولا ترى للأعادي قط ذلاً----------فإن شماته الأعداء بلاء
ولا ترج السماحة من بخيل----------فما في النار للظمآن ماء
ورزقك ليس ينقصه التأني----------وليس يزيد في الرزق العناء
ولا حزن يدوم ولا سرور----------ولا بؤس عليك ولا رخاء
إذا ما كنت ذا قلب قنوعٍ----------فأنت ومالك الدنيا سواء
ومن نزلت بساحته المنايا----------فلا أرض تقيه ولا سماء
وأرض الله واسعة ولكن----------إذا نزل القضاء ضاق الفضاء
دع الأيام تغدر كل حين----------فما يغني عن الموت الدواء
قيمة الدعاء
أتهزأ بالدعاء وتزدريه----------وما تدري بما صنع الدعاء
سهام الليل لا تخطي ولكن----------لها أمد وللأمد انقضاء
فيمسكها إذا ما شاء ربي----------ويرسلها إذا نفذ القضاء
زينة الإنسان العلم والتقوى
اصبر على مر الجفا من معلمٍ----------فإن رسوب العلم في نفراته
ومن لم يذق مر التعلم ساعة----------تجرع ذل الجهل طول حياته
ومن فاته التعلم وقت شبابه----------فكبر عليه اربعاً لوفاته
وذات الفتى والله بالعلم والتقى----------إذا لم يكونا لا اعتبار لذاته
بالعلم تبنى الأمجاد
رأيت العلم صاحبه كريم----------ولو ولدته آباء لئام
وليس يزال يرفعه إلى أن----------يعظم أمره القوم الكرام
ويتبعونه في كل حالٍ----------كراعي الضأن تتبعه السوام
فلولا العلم ما سعدت رجال----------ولا عرف الحلال ولا الحرام
العلم ما حفظت
علمي معي حيثما يممـت ينفعـني----------قلبي وعـاء لـه لا بطـن صـندوق
إن كنت في البيت كان العلم فيه معيي----------أو كنت في السوق كان العلم فيي السوق
أدب المناظرة
إذا ما كنت ذا فضل وعلم----------بما اختلف الأوائل والأواخر
فناظر من تناظر في سكونٍ----------حليما لا تلج ولا تكابر
يفيدك ما استفاد بلا امتنانٍ ----------من النكت اللطيفة والنوادر
وإياك اللجوح ومن يرائي----------بأني قد غلبت ومن يفاخر
فإن الشر في جنبات هذا----------يمني بالتقاطع والتدابر
المرء بما يعلمه
تعلم فليس المرء يولد عالماً----------وليس أخو علم كمن هو جاهل
وإن كبير القوم لا علم عنده----------صغير إذا التفت عليه الجحافل
وإن صغير القوم إن كان عالماً----------كبير إذا ردت إليه المحافل
تواضع العلماء
كلما أدبني الدهر----------أراني نقص عقلي
وإذا ما ازددت علماً----------زادني علماً بجهلي
نور العلم يسطع بترك المعاصي
شكوت إلي وكيع سوؤ حفظي----------فأرشدني إلى ترك المعاصي
واخبرني بأن العلم نور----------ونور الله لا يهدى لعاصي
شروط تحصيل العلم
أخي لن تنال العلم إلا بستةٍ----------سأنييك عن تفاصيلها ببيان
ذكاء وحرص واجتهاد وبلغه----------وصحبة استاذٍ وطول زمان
مفخرة الإنسان العلم
العلم مغرس كل فخر فافتخر----------واحذر يفوتك فخر ذاك المغرس
واعلم بأن العلم ليس يناله----------من همته في مطعم أو ملبس
إلا أخو العلم الذي يعني به----------في حالتيه عارياً أو مكتسي
فاجعل لنفسك منه حظاً وافراً----------واهجر له طيب الرقاد عبس
فلعل يوماً إن حضرت بمجلسٍ----------كنت الرئيس وفخر ذلك المجلس
الجد في طلب العلم
سهري لتنقيح العلوم الذلي----------من وصل غانيةٍ وطيب عناق
وصرير أقلامي على صفحاتها----------أحلى من الدوكاء والعشاق
وألذ من نقر الفتاة لدفها----------نقري لألقي الرمل عن أوراقي
وتما يلي طرباً لحل عويصةٍ----------في الدرس أشهى من مدامة ساقي
وأبيت سهران الدجا وتبيته----------نوماً وتبغي بعد ذلك لحاقي
يأتي العلم بالتفرغ
لا يدرك الحكمة من عمره----------يكدح في مصلحة الأهل
ولا ينال العلم إلا فتى----------خال من الأفكار والشغل
لو أن لقمان الحكيم الذي----------سارت به الركبان بالفضل
بلى بفقرٍ وعيالٍ لما----------فرق بين التبن والبقل
الناس خدم للعلم
العلم من فضله لمن خدمه----------أن يجعل الناس كلهم خدمه
فواجب صونه عليه كما----------يصون الناس عرضه ودمه
فمن حوى العلم ثم أودعه----------بجهله غير أهله ظلمه
العلم ومكانته
أأنثر دراً بين سارحة البهم----------وانظم منشوراً تراعية الغنم ؟
لعمر لئن ضيعت في شر بلدةٍ----------فلست مضيعاً فيهم غرر الكلم
لئن سهل الله العزيز بلطفه----------وصادفت أهلاً للعلوم وللحكم
بثثت مفيداً واستفدت ودادهم----------وإلا فمكنون لدى ومكتتم
ومن منح الجهال علماً أضاعه----------ومن منع المستوجيين فقد ظلم
أفضل العلوم
كل العلوم سوي القرآن مشغلة----------إلا الحديث وعلم الفقه في الدين
علم ما كان فيه قال حدثنا----------وما سوي ذلك وسواس الشياطين
وقول آخر:
جنونك مجنون ولست بواجدٍ----------طبيباً يداوي من جنن جنون
حب آل البيت فرض من الله
يا آل بيت رسول الله حبكم----------فرض من الله في القرآن أنزله
يكفيكم من عظيم الفخر أنكم----------من لم يصل عليكم لا صلاة له
الترفض
قالوا ترفضت قلت : كلا----------ما الرفض ديني ولا اعتقادي
لكن توليت غير شكٍ----------خير إمامٍ وخير هادي
إن كان حب الولي رفضاً----------فإن رفضي إلى العباد
الخلفاء الراشدون
شهدت بان الله لا رب غيره----------وأشهد أن البعث حق وأخلص
وأن عرى الإيمان قول مبين----------وفعل زكيى قد يزيد وينقص
وأن أبا بكرٍ خليفة ربه----------وكان أبو حفصٍ على الخير يحرص
وأشهد ربي أن عثمان فاضل----------وأن علياً فضله متخصص
أئمة قومٍ يهتدي بهداهم----------لحى الله من إياهم يتنقص
أبو حنيفة
لقد زان البلاد ومن عليها----------إمام المسلمين أبو حنيفة
بأحكامٍ وآثار وفقةٍ----------كآيات الزبور على الصحيفة
فما بالمشرقي له نظير----------ولا بالمغربين ولا بكوفة
فرحمة ربنا أبداً عليه----------مدى الأيام ما قرئت صحيفة
حياة الأشراف واللئام
أررى حمراً ترعى وتعلف ما تهوى----------وأسداً جياعاً تظمأ الدهر لا تروى
وأشراف قومٍ لا ينالون قوتهم----------وقوماً لئاماً تأكل المن والسولى
قضاء لديانٍ الخلائق سابق----------وليس على مر القضاء أحد يقوى
فمن عرف الدهر الخؤون وصرفه----------تصبر للبلوى ولم يظهر الشكوى
ود الناس
إني صحبت الناس ما لهم عدد----------وكنت أحسب إني قد ملأت يدي
لما بلوت أخلائي وجدتهم----------كالدهر في الغدر لم يبقوا على أحد
قلة الإخوان عند الشدائد
ولما اتيت الناس اطلب عندهم----------أخا ثقةٍ عند أبتاء الشدائد
تقلبت في دهري رخاء وشدة----------وناديت في الأحياء هل من مساعد؟
فلم أر فيما ساءني غير شامتٍ ----------ولم أر فيما سرني غير جامد
البلاء من أنفسنا
نعيب زماننا والعيب فينا----------وما لزماننا عيب سوانا
ونهجوا ذا الزمان بغير ذنبٍ----------ولو نطق الزمان لنا هجانا
وليس الذئب يأكل لحم ذئبٍ----------ويأكل بعضنا بعضنا عيانا
الضر من غير قصد
رام نفعاً فضر من غير قصدً----------ومن البر ما يكون عقوقاً
مساءة الظن
لا يكن ظنك إلا سيئاً----------إن الظن من أقوى الفطن
ما رمى الإنعسان في مخمصةٍ----------غير حسن الظن والقول الحسن
ترك الهموم
سهرت أعين ، ونامت عيون----------في أمور تكون أو لا تكون
فادرأ الهم ما استعطت عن النفس----------فحملانك الهموم جنون
إن رباً كفاك بالأمس ما كان----------سيكفيك في غدٍ ما يكون
الأصدقاء عند الشدائد
صديق ليس ينفع يوم بؤس----------قريب من عدو في القياس
وما يبقى الصديق بكل عصرٍ----------ولا الإخوان إلا للتآسي
عمرت الدهر ملتمساً بجهدي----------أخا ثقة فألهاني التماسي
تنكرت البلاد ومن عليها----------كأن أناسها ليس بناسي
اسس الصداقة
إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفاً----------فدعه ولا تكثر عليه التأسفا
ففي الناس أبدال وفي الترك راحة----------وفي القلب صبر للحبيب ولو جفا
فما كل من تهواه يهواك قلبه----------ولا كل من صافيته لك قد صفا
إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة----------فلا خير في خل يجيء تكلفا
ولا خير في خل يخون خليله----------ويلقاه من بعد المودة بالجفا
وينكر عيشاً قد تقادم عهده----------ويظهر سراً كان بالأمس في خفا
سلام على الدنيا إذا لم يكن بها صديق----------صدوق صادق الوعد منصفا
حب الصالحين
أحب الصالحين ولست منهم----------لعلي أنال بهم شفاعة
وأكره من تجارته المعاصي----------ولو كلنا سواء في البضاعة
الخالص من الأصحاب
كن ساكناً في ذا الزمان بسيره----------وعن الورى كن راهباً في ديره
واغسل يديك من الزمان وأهله----------وإحذر مودتهم تنل من خيره
إني اطلعت فلم أجد لي صاحباً----------أصحبه في الدهر ولا في غيره
فتركت أسفلهم لكثرة شره----------وتركت أعلاهم لقلة خيره
الوحدة خير من جليس السوء
إذا لم أجد خلاً تقياً فوحدتي----------ألذ أشهى من غوىٍ أعاشره
وأجلس وحدي للعبادة آمناً----------أقر لعيني من جليسٍ أحاذره
خيرة الأصحاب
أحب من الأخوان كل مواتى----------وكل غضيض الطرف عن عثراتي
يوافقني في كل أمر أريده----------ويحفظني حياً وبعد مماتي
فمن لي بهذا ؟ ليت أني أصبته----------لقاسمته ما لي من الحسنات
تصفحت إخواني فكان أقلهم----------على كثرة الإخوان أهل ثقاتي
مكر الناس
ليت الكلاب لنا كانت مجاورة----------وليتنا لا نرى مما نرى أحدا
أن الكلاب لتهدتي في مواطنها----------والخلق ليس بهاد شرهم أبدا
فاهرب بنفسك واستأنس بوحدتها----------تبقى سعيداً إذا ما كنت منفرداً
مقامات البشر
أصبحت مطرحاً في معشر جهلوا----------حق الأديب فباعوا الرأس بالذنب
والناس يجمعهم شمل ، وبينهم----------في العقل فرق وفي الآداب والحسب
كمثل ما للذهب اللإبريز بشركة----------في لونه الأصفر والتفضيل للذهب
ولاعود لو لم تطب منه روائحه----------لم يفرق الناس بين العود والحطب
محط الرجاء
إذا رمت المكارم من كريم----------فيمم من بنى لله بيتاً
فذاك الليث من يحمي حماه----------ويكرم ضمفه حياً وميتا
التأهب للآخرة
يا من يعانق دنيا لا بقاء لها ----------يمسي ويصبح في دنياه سفاراً
هلا تركت لذي الدنيا معانقة----------حتى تعانق في الفردوس أبكارا
إن كنت تبغى جنان الخلد تسكنها----------فينبغي لك أن لا تأمن النارا
وداع الدنيا والتأهب للآخره
ولما قسا قلبي ، وضاقت مذاهبي----------جعلت الرجا مني لعفوك سلما
تعاظمني ذنبي فلما قرنته----------بعفوك ربي كان عفوك أعظما
فما زلت ذا عفوٍ عن الذنب لم تزل----------تجود وتعفو منة وتكرما
فلولاك لم يصمد لابليس عابد----------فيكف وقد اغوى صفيك آدما
فلله در العارف الندب أنه----------تفيض لفرط الوجد أجفانه دما
يقيم إذا ما الليل مد ظلامه----------على نفسه من شدة الخوف مأتما
فصيحاً إذا ما كان في ذكر به----------وفي ما سواه في الورى كان أعجماٍ
ويذكر أياماً مضت من شبابه----------وما كان فيها بالجهالة أجرما
فصار قرين الهم طول نهاره----------أخا السهد والنجوى إذا الليل أظلما
يقول حبيبي أنت سؤلي وبغيتي----------كفى بك للراجين سؤلاً ومغنما
ألست الذي عديتني وهديتني----------ولا زلت مناناً علي ومنعما
عسى من له الإحسان يغفر زلتي----------ويستر أوزاري وما قد تقدما
تعزية
إني أعزيك لا اني علىطمعٍ----------من الخلود ولكن سنة الدين
فما المعزي بباقٍ بعد صاحبه----------ولا المعزى وإن عاشا إلى حين
سفينة المؤمن
إن لله عباداً فطنا----------تركوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا----------أنها ليست لحي وطنا
جعلوها لجة واتخذوا----------صالح الأعمال فيها سفنا
الموت سبيل كل حي
تمنى رجالٌ أن أموت وإن أمت----------فتلك سبيل لست فيها بأوحد
وما موت من قد مات قبلي بضائري----------ولا عيش من قد عشا بعدي بمخلدي
لعل الذي يرجو فنائي ويدعي----------به قبل موتي أن يكون هو الردى
فقل للذي يبقى خلاف الذي مضى----------تهيأ لأخرى مثلها فكأن قد
مواضيع مماثلة
» جاءت امراة الى داود عليه السلام
» الامام الحجة ابوعمرو الربيع العمانى ادخل
» من اسرار لا اله الا الله
» انا لن يضعنا الله
» لماذا اختار الله عزرائيل لقبض الارواح
» الامام الحجة ابوعمرو الربيع العمانى ادخل
» من اسرار لا اله الا الله
» انا لن يضعنا الله
» لماذا اختار الله عزرائيل لقبض الارواح
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى